قادتني ظروف عملي في المجال الصحفي إلى التعرف على السيد محمد الحيمر، ومن خلال حوار معه شعرت بمدى ارتباطه الوجداني بالوطن، فيأخذك خلسة إلى عوالمه ذات الامتدادات المتعددة، فيناقش معك القضايا الصعبة بطريقة سهلة، ويطلق بانسيابية أضواء كثيرة على قضايا هامشية ومعتادة، فيحولها إلى إشكالات تستوجب وقفات تأملية لمعالجتها، وهو بالمناسبة حاصل على دكتورتين، الأولى في تاريخ المغرب الحديث والثانية في تدبير المجالات المائية، وشهادة الماستر في قانون البرلمان وإجازة في علم النفس، له عدة مقالات منشورة، وكتاب في طور النشر. كنت دائما ألح عليه بأن ينشر إحدى مقالاته بموقعنا، كان يعدني بذلك، لكن مسؤولياته الإدارية كانت تشغل أغلبية وقته، إلا أن زلزال الحوز، وما خلفه من مآسي وأحزان، جعله يسارع إلى تلبية طلبي، وأمدني بهذه المساهمة المليئة بفيض وجداني اتجاه الوطن وأبناء الوطن في الداخل والخارج

محمد الحيمر
أنا مغربي، اللهم فاشهد
أنا مغربي، اللهم فاشهد..
قبل سنوات خلت، كنت أعبر مع العابرين شوارع الحياة…ساقني القدر في يوم لم أعد أتذكر اسمه ولا لونه إلى الحي المحمدي…تحديدا إلى أزقة درب مولاي الشريف التي يحمل كل شبر منها حكاية…هناك، من محل ضيق غائر وسط زحمة المكان، تناهت إلى سمعي ترانيم غيوانية ببحة المرحوم بوجميع والعربي باطما وعمر السيد والبقية الباقية من المجموعة، وهي تردد بصوت صوفي أغنية: ما هموني غير الرجال إلى ضاعـــــــــــو…لحيوط إلى رابو كلها يبنـــــــــــي دار…ما هموني غير الصبيان مرضو وجاعـــو…والغرس إلى سقط نوضو نغرسوا أشجار… والحوض إلى جف واسود نعناعــــــــــه…الصغير ف رجالنا يجنيه فاكية وثمـــــار…
أنا مغربي، اللهم فاشهد..
حضرني المشهد الصوفي الغيواني اليوم..باسم ولون…حين غدر الأطلس الكبير بأبنائه الذين عشقوه عشقا ربانيا…التهمهم في رمشة عين…أحبا فيهم يا جبل؟؟؟ أم حنان أم زائد أرعن؟؟؟ أم كرها وانتقاما ممن أخلصوا الود وتغنوا بك شعرا…لم ترحم إيغيل المنسية ولا تيزي نتاست ولا سيدي عبد الله ولا اوناين ولا تيكوكة ولا تيسراس ولا ولا… ولا بقية الوطن…فأعادنا جميعا إلى دروس الجغرافيا التي لم نتعلمها يوما في الفصول الدراسية…تضاريس الأطلس…نوع التربة…حياة أهل الجبل…معيشهم اليومي…المناخ المتقلب…وما والاها من المعطيات الصادمة…
أنا مغربي، اللهم فاشهد..
كان ما كان مما لست أذكره…لكن غدر الجبل الحزين أشعرني بفخر الانتماء إلى بلدي المغرب…أن أشهد أمام العالمين أني مغربي…مغربي في الداخل وفي الخارج…مغربي في السهل والجبل…مغربي في الجنوب وفي الشمال…مغربي في الهضاب والتلال…مغربي على طول سواحلك يا وطني، من السعيدية حتى لكويرة، على امتداد بحرين…مغربي على وجه خريطة كل الوطن…مغربي في كندا…في الصومال…في السويد…في الزنجبار…في اوكلاهوما…في قندهار…في شنغاي…في المالديف…في برازيليا…في مكة المكرمة…في كل هذا وذاك وما لم أذكر…أنا مغربي…اللهم فاشهد…
أنا مغربي، اللهم فاشهد..
سافرت قي ذاكرتي المنسية…استجمع شتات الأيام الخالية…كانت الكلمات الغيوانية تحاصر صمت الصدمة داخلي… ما هموني غير الرجال إلى ضاعـــــــــــو…لحيوط إلى رابو كلها يبنـــي دار…كيف لا يا أبناء هذا الوطن الأبي…بل نبني أحياء وقرى ومدن عامرة…نبني السدود والقناطر والموانئ…نبني الجامعات والمستشفيات…نبني الإنسان المغربي بالإنسان المغربي…والغرس إلى سقط نوضو نغرسوا أشجار… والحوض إلى جف واسود نعناعــــــــــه…الصغير ف رجالنا يجنيه فاكية وثمـــــار…هؤلاء هم النحن…مغاربة…إناثا وذكرانا…شيبا وشبابا…اللهم فاشهد…
أنا مغربي، اللهم فاشهد..
حزن عميق يسكن كل واحد منا في كل أرجاء الوطن…والحزن حزنيين عند الغائبين بأجسادهم عنك يا وطني…أرواحهم تملء المكان من حولنا…نحس بكم بين ظهرانينا يا مغاربة العالم…همساتكم تجوب الفضاءات كفراشة تخلصت من أنامل صبي بشغب طفولي…حزنكم…دموعكم…أدعيتكم المأثورة…تلاوتكم المباركة للذكر الحكيم ترحما على شهداء غدر الجبل…ما ثقل أو خف من زادكم ومتاعكم هبة للوطن…يشهد أنكم هنا معنا…قريبون في بعدكم…كيف لا وأنتم مغاربة …اللهم فاشهد…
أنا مغربي، اللهم فاشهد..
نحن المغاربة أمة واحدة …اللهم فاشهد…أفراحنا وأحزاننا واحدة …اللهم فاشهد…غيرتنا على مقدساتنا واحدة …اللهم فاشهد…نموت ونحيى من أجل الوطن…اللهم فاشهد…نحن في كل أوطان الدنيا مغاربة أحرار…اللهم فاشهد…أيدينا ممدودة بالخير للغير…اللهم فاشهد…لا نهاب الصعاب ولا نكل ولا نمل…اللهم فاشهد… أنا وأنتِ وأنتَ مغاربة…اللهم فاشهد…