Par : Ibrahim Hariri
في مقال سابق لي باللغة الفرنسية حول إمكانية استعمال السلاح النووي الإسرائيلي في الحرب الأخيرة التي تخوضها الدولة العبرية ضد المدنيين في غزة، قلت بأن السؤال المهم ليس مستقبل غزة بل السؤال المهم هو مستقبل إسرائيل.
في الفقرة المعنونة ب: اليوم التالي، طرحت مجموعة من الأفكار التي تحوم حول إمكانية كل من حركة حماس أو حزب الله أن تشكلا تهديدا نوويا نوعيا إذا ما هاجما معا أو أحدهما المفاعلات النووية الإسرائيلية.
اليوم، تخبرنا جريدة رأي اليوم الإلكترونية لصاحبها الصحافي الفلسطيني عبد الباري عطوان، في مقال تحت عنوان : لغز الرسائل التي حملها جنرال لبناني.
حيث يقول المقال بأن الولايات المتحدة أبلغت كلا من حماس وحزب الله بأن القوات الأمريكية المتواجدة بغزة والمقدرة بحوالي 2000 عنصر، غير معنية بتاتا بالمشاركة في الحرب الدائرة في غزة وغير وارد مشاركتها أيضا في حالة اتساع رقعة الحرب لتشمل حزب الله.
هذا وحسب شهود عيان من سكان غزة، تقول الجريدة، شوهد مقاتلين أمريكيين يحاربون مكان الإسرائيليين في غزة.
ولا بد أيضا من التذكير بأن الولايات المتحدة قد أمَّنت جسرا جويا لنقل الأسلحة النوعية بل والمحظورة دوليا لمساعدة إسرائيل في قتل الأطفال وتدمير المستشفيات وغيرها، تحت ذرائع وهمية كان أولها حديث بايدن عن قطع رؤوس الأطفال، وآخر فصولها كانت يومه الثلاثاء 14 نونبر 2023، عندما كان الناطق العسكري الإسرائيلي يشير إلى أجندة أسبوعية داخل مستشفى الشفاء، وصار يخبر جمهوره الأسرائيلي والغربي بأنها أي الأجندة تضم أسماء قيادات حماس التي تحرس المستشفى الذي دمره العتاد الأمريكي بيد الجنود الإسرائيليين.
بالإضافة للجسر الجوي، أرسلت الولايات المتحدة حاملتين للطائرات وفرقاطتين …
كل هاته الترسانة جعلت الخبراء يخمنون أن الولايات المتحدة ستتدخل لا محالة في الحرب. غير أن المسؤول اللبناني الذي حمل رسائل لحزب الله، ويقال بأن هذا المسؤول مرتبط بمدير الأمن اللبناني السابق اللواء عباس إبراهيم، وهو رجل يحظى بالثقة لدى الأطراف كافة : أمريكيون وحزب الله وحماس أيضا.
ويؤكد المصدر أن الهدف من هذه القوة ليس المشاركة في العمليات الميدانية للجيش الإسرائيلي لا على جبهة غزة ولا على جبهة جنوب لبنان، إنما تأمين وحماية مفاعلين نوويين موجودين في إسرائيل الأول في منطقة ديمونا والثاني في منطقة تبنة الصحراوية.
الشروحات الأمريكية هنا أشارت الى أن هدف القيادة الوسطى الأمريكية من تأمين المفاعلين وليس له علاقة بمسار العمليات الإسرائيلية عسكريا في قطاع غزة، إنما هذا التأمين الهدف الأساسي له حسب
التوضيحات التي أرسلت لفصائل المقاومة، هو وضع اليد على تلك المفاعلات النووية باعتبارها منشآت استراتيجية وأمنية حسّاسة جدا.
المقصود بعد تلقي القيادة الوسطى لتوجيهات سريعة بخصوص تلك المنشآت، عزلها وحمايتها من القصف المتبادل وأي عمليات سواء من الجيش الإسرائيلي أو حتى من فصائل المقاومة، ثم منع رئيس الوزراء وحكومة اليمين الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، من استخدام هذه المفاعلات عبر استغلال الظروف الحالية أو استخدامها سواء على المستوى التكتيكي الصغير أو على المستوى الإقليمي الكبير ضد إيران.
والأهم الإحاطة بمنشأتين نوويتين أمريكيا لمنع أي طرف في محور المقاومة من استهدافهما مع التزود بأحدث تقنيات الدفاع الجوي.
كان المرحوم عبد الوهاب المسيري وهو أحد كبار المفكرين الإسلاميين وأحد المتخصصين الكبار في التاريخ اليهودي عموما وفي الحركة الصهيونية خصوصا، يقول بأن بداية النهاية لإسرائيل ستكون عندما تصبح إسرائيل عبئا على الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا ما نراه اليوم، على الرغم من اختلافي مع الأفكار التنبؤية للرجل، فقد أصبحت إسرائيل اليوم عبئا على الإدارة الأمريكية استراتيجيا وماليا، بل وسمعة ودورا مفترضا لأمريكا في الشرق الأوسط وفي العالم.
وأعود لمقالي السابق وأؤكد أن الحل الأمثل للصراع في المنطقة هو دولتين منزوعتي السلاح : إسرائيل منزوعة السلاح وفلسطين منزوعة السلاح أيضا.
إبراهيم حريري
كاتب وصحفي